تتردد أحاديث عن إزالة صفرين من الليرة السورية. نظرياً، يصبح 100,000 ليرة «قديماً» = 1,000 ليرة «جديداً»، وتُقسَّم الأسعار والرواتب والديون على 100. هذا يغيّر طريقة الكتابة فقط، لا القيمة الحقيقية. من دون حل مشكلات الوقود، وسعر الصرف، ووصول السلع، قد تواجه السويداء فترة جمود نقدي، وارتباكاً في التسعير، ومزيداً من الدولرة. فيما يلي ما قد يعيشه الناس والمتاجر والخدمات، وما الذي يمكن فعله لتخفيف الصدمة. 1
ما هي إعادة التقويم… وما ليست عليه
إعادة التقويم تغيّر وحدة الحساب لا القوة الشرائية. إذا كانت الأسعار ترتفع قبل القرار فستواصل الارتفاع بعده ما لم تتحسن العوامل الحقيقية. المثال الأوضح:
سعر رغيف كان 15,000 ليرة قديمة يصبح 150 ليرة جديدة. إذا شحّت الفئات الصغيرة، قد يقرّر البائع التسعير على 200 جديدة. هذه زيادة فعلية بنحو 33% بسبب التقريب فقط.
الأيام ٠–١٤: مرحلة «التجمّد»
- صدمة سيولة: تحتاج أجهزة الصراف ونقاط البيع والأنظمة المحاسبية لإعادة معايرة. بعض الباعة يرفضون الأوراق القديمة، والجديدة شحيحة. الناس تُخزّن الدولارات والسلع، فيقلّ عدد المعاملات وتطول الطوابير.
- فوضى التسعير: أسعار مزدوجة (قديم/جديد) وتباين بين المحلات. مع نقص الفكة، يحدث تقريب إلى الأعلى.
- قفزة في السوق الموازية للصرف: كل ما يعتمد على الاستيراد (وقود، أدوية، قمح) يتأثر أولاً.
- تعطّل مدفوعات الخدمات: المخابز وباعة الوقود والمستشفيات يترددون في قبول الجديد ما لم يستطيعوا شراء مدخلاتهم به. تنخفض الورديات والشحن.
- توتر اجتماعي: الطوابير تطول والأسعار تُقَرَّب إلى الأعلى، فتزداد الاحتكاكات عند الأفران ونقاط المياه.
الأسابيع ٣–٨: ازدواجية الأسواق
- أسعار مزدوجة ودولرة: يقتبس المورّدون الكبار بالدولار أو «ما يعادل القديم»، فيما يحاول التجزئة استعمال «الجديد». المشتريات الكبيرة بالدولار، والصغيرة بالجديد.
- فجوة الأجور والأسعار: الرواتب تُحوّل ببطء وغالباً تُقَرَّب نزولاً؛ بينما الأسعار قُرِّبت صعوداً. القوة الشرائية تهبط.
- ضغط على الاستضافة الأسرية: حين تخسر العائلات دخلها تتراجع قدرتها على استضافة النازحين، فيتحوّل مزيد من الناس إلى المراكز الجماعية.
- تحكيم وتسرب: ينقل بعض التجار بضائعهم إلى مناطق ربحها أعلى، فتقل السلع في الأحياء الأكثر عرضة للمخاطر.
الأشهر ٢–٦: السياسة لا الأصفار هي التي تحسم
إذا تحسّن الوقود، وإتاحة العملة الصعبة، وانتظام القوافل، يمكن للوحدة الجديدة أن تستقر. إذا لم يحدث ذلك، تعود التضخم والدولرة بصيغة «الليرة الجديدة»، وتتسع الفجوة مع السعر الموازي.
ماذا يعني ذلك للضروريات في السويداء
- الخبز: القمح والدقيق فعلياً مرتبطان بالدولار. تكاليف المخابز ترتفع، والأسعار تُقَرَّب للأعلى، وطوابير الخبز تطول. قسائم/قساطل الخبز مؤقتاً أفضل من النقد.
- المياه: الضخ يعتمد على وقود وقطع غيار مسعّرة بالدولار. قد يطلب الموردون التسعير بالدولار أو ربط «الجديد» بالدولار. حتى مع توفر الصهاريج، قد تتأخر التوريدات إذا انعدم الثقة بالنقد الجديد.
- المستشفيات: الوقود، الأكسجين، مستهلكات غسيل الكِلى غالباً مستوردة. إذا وصلت المدفوعات بـ«الجديد» دون آلية تغطية بالدولار أو سلة مرجعية، قد يوقف الموردون الشحن مؤقتاً.
ما الذي يمكن فعله الآن
للأسر
- توقع أسعاراً مزدوجة لبضعة أسابيع. حافظ على مخزون مائي صغير وأدويتك الأساسية قدر الإمكان.
- خطط لـتقريب الأسعار: سلة كان يفترض أن تساوي 10,800 «جديد» قد تُعرض بـ12–13 ألف.
- احتفظ بالفواتير لإثبات الأسعار إذا تُطبّق حماية للمستهلك.
لأصحاب المتاجر ومقدمي الخدمات
- علّق لوحات تحويل واضحة (قديم → جديد) واقبل العملتين خلال فترة انتقالية محددة.
- تجنّب التقريب الجائر؛ استعمل قسائم ثابتة القيمة (مثل «1 رغيف») عندما تنقص الفكة.
- انشر قوائم أسعار يومية لتقليل الجدل وتسريع البيع.
للقيادات المحلية
- انشر جداول التحويل عبر اللافتات وواتساب والراديو.
- نظّم الطوابير بإضافة متطوعين وإضاءة، وجدول مواعيد توزيع لتخفيف التزاحم.
- نسّق مع المخابز ونقاط المياه للحفاظ على إيقاع متوقع.
للمنظمات الإنسانية
- أَرْبِط المساعدات مؤقتاً بسلة مرجعية (خبز + ماء + وقود) أو بمؤشر صرف موثوق، وادفع بالـ«جديد» حسب السعر اليومي.
- تحوّل إلى قسائم سلعية/إلكترونية إذا رُفض النقد أو تجاوز التقريب 15% لسلة معيارية.
- أمّن مخازن صغيرة: وقود 3–7 أيام للمضخات والمستشفيات، ودقيق يكفي 1–2 أسبوع لأكفأ الأفران.
- حافظ على حوافز ورديات الليل للمخابز بشكل مُفهرس (أو عينياً: وقود، قطع غيار) لمنع توقف الأفران.
للسلطات
- أعلنوا فترة تعامل متوازي للعملتين (قديم/جديد).
- وفروا فئات صغيرة/فكة لتلافي التقريب الصاعد.
- انشروا جدول معايرة الصرّافات ونقاط البيع، وآلية تحويل الرواتب والضرائب.
- اسمحوا للتجار مؤقتاً بالتسعير على سلة أو ربط بالدولار خلال الانتقال.
مؤشرات تراقبونها على «لوحة الصمود»
- نسبة المتاجر التي تقبل «الجديد» وأيام رفض النقد
- فارق الصرف بين الموازي والرسمي، وأيام التحرك >5%
- فجوة التقريب لسلة معيارية (السعر الفعلي مقابل التحويل الدقيق)
- نسبة الالتزام بـالتسعير المزدوج
- ساعات طوابير الخبز ولترات الماء/فرد/يوم في المواقع الكبرى
- عدد الأيام منذ آخر قافلة طحين/وقود
- نسبة النازحين في المراكز الجماعية مقابل الاستضافة
متى نبدّل طريقة المساعدة
- إذا رفض ≥30% من الباعة «الجديد» أو التسعير المزدوج: أوقف النقد الخالص أسبوعين، واستعمل القسائم/السلع.
- إذا تجاوزت فجوة التقريب 15% لثلاثة أيام: فعّل قسائم ثابتة القيمة وتفاهمات مع لجان الأفران.
- إذا اتسع فارق الصرف >20% خلال أسبوع: فهرِس العقود والمدفوعات وقصّر دورة السداد إلى ≤7 أيام.
- إذا تجاوزت طوابير الخبز 6 ساعات ليومين أو هبط الماء <15 لتر/فرد/يوم: فعّل خطة الطوارئ (تقنين + نقل مياه جماعي) بغض النظر عن وضع العملة.
أسئلة سريعة
هل ستنخفض الأسعار لأن الأرقام صارت أصغر؟
لا. يقلّ عدد الأصفار فقط. الأسعار تتباطأ إذا تحسّن الوقود والصرف والوصول.
لماذا تطول الطوابير حتى لو استمرت المساعدات؟
خلال الانتقال قد يرفض بعض البائعين «الجديد»، وتندر الفكة، ويحتار الناس بالأسعار، فتبطيء المبيعات.
كم تدوم الفوضى؟
خططوا لـ٢–٦ أسابيع. تقصر المدة إذا كانت فترة التعامل المزدوج واضحة، وتوافرت الفئات الصغيرة، وانتظمت القوافل.
كيف نحافظ على تدفق الخبز والماء؟
دفعات صغيرة منتظمة أفضل من شحنات كبيرة متقطعة. استعملوا دعماً مفهرساً، وقسائم مؤقتة عند الحاجة، وبلّغوا قواعد التحويل بوضوح عند كل فرن ونقطة ماء وعيادة.
الخلاصة
حلاقة الصفرين لن تجعل المعيشة أرخص تلقائياً في السويداء. توقّعوا فترة من التجمّد النقدي، والتسعير بالتقريب، ومزيد من الدولرة. تخطّونها عبر إبقاء الضروريات متوقعة الإيقاع (طحين، وقود، أدوية)، وفهرسة المدفوعات، واستخدام القسائم مؤقتاً، والتواصل الواضح بقواعد التحويل في كل نقطة خدمة.